أعدّ الله شراب اهل النار كنوع من العذاب الذي يستحقونه على ما فعلوا في دُنياهم، مِن شِرك به وتكذيب لكل ما شرّعه عزّ وجل، ومكابرة في تصديق رسالات أنبيائه ورُسله، فلا هُم يرتوون به، ولا يُمحي العطش عنهم، بل يزيدهم عذابًا وألمًا بما يفوق الوصف والتخيّل، فإذا ما عطشوا يطلبون الشرّاب فيأتيهم بما يُمزّق أحشائهم، من مرارته وحرارته، وقُبح مذاقه، ورائحته.
شراب اهل النار
توعّد الله في قرآنه وسنّة رسوله الكريم لأهل النار، فقد كان لهم العذاب الأعظم، بأشكال لا يمكن للعقل البشري تخيّلها، حيث أقرّ بأن يكون شراب اهل النار من “الحميم” وهو المياه الحارة التي تفوق حد الغليان حيث يُسقونَ منها كلمَا طلبوا السُقيا، فإذا ما ازدادوا عطشّا يشربون ” الصّديد” وهو ماء خليط يسيل من أجسادهم ويختلط فيه الدم والقِيح الذي يخرج من جروحهم أثناء احتراق لحومهم وعظامهم، وكذلك جلودهم في جهنّم وقت التعذيب، فلا يجدون سواه كي يروي عطشهم، فإن لم يرتوا بعد، لن يجدوا أمامهم سوى شَراب “المُهل” حيث طعم الرصاص المغلي، ومذاق عكارة الزيت أثناء غليانه فينزل إلى أمعائهم ليمَزقها إربًا ويزيدهم من العذاب عذابًا.
من هم الذين يشربون عصارة اهل النار؟
يُعتبر أهل النار هم مَن كفروا بأديان الله وأشركوا به، بل ولم يقرّوا من الأساس بوجوده عز وجلّ، وهؤلاء سوف ينتظرهم المزيد من أقسى وأقصى أنواع العذاب، جزاء لهم على ما اقترفوا في دنياهم، فهم مخلّدون في جهنّم يُسقونَ ويأكلون من نارها إلى أبَد الآبدين، ولا محالةَ من إطلاقهم الاستغاثة مما يلاقونه، بل كلما استغاثوا ازدادهم الله من العذاب و العقاب، ولعل شراب اهل النار هو من أبسط عذابهم، بينما في انتظارهم من العذاب ما يفوق عقولهم على تخيّله.
ما هى أصناف الناس يوم القيامة؟
تنقسم الناس يوم القيامة على ثلاثة من الأقسام يدخل كل بشريّ منها القسم الذي يستحقه تبعًا لتصنيفه ولما فعلهُ في دنياه مثل:
- المؤمنين المُتّقين، وهُم في جنات الخُلد مُقيمين بها ومُنعّمين بخيراتها إلى ما لا نهاية، ولَن يذوقوا أيّا من عذاب النار ولا حتى يشتَمّون روائحها مُطلقًا.
- اصحاب المَعصيات، وهُم مَن عصوا الله ورسوله، ولكنهم ليسوا بكافرين، ولا هم من المتّقين اتقاء كاملًا، وسوف يلقون بعضًا من عذاب جهنّم.
- الكافرين، وهُم مَن كفرُوا كُفرًا بيّنًا بما أنزله الله، وأنكروا ذاته وألحَدوا، فمصيرهم الدائم هو النار، بل والسجن الأبدي والعذاب اللا مُتناهي بها، من دون رحمة أو تهاوُن.
كيف يعذب الله المسلم العاصي؟
يستقرّ المسلمين مِن العصاة في النار بعضًا من الوقت على قدر معاصيهم، فلكل عاصٍ نوعًا من العذاب الذي يقدّره الله له، ولأن العاصين هُم بالأساس من المؤمنين بالله تعالى ولكنهم لم يتّبعوا تعاليمه كاملًة، أو تغافلوا عن فِعل ما أرشدهم إليه الأنبياء والرّسل فكانوا يَكذبون في كلامهم، ويأكلون الربا، أو كان منهم العاقّين بوالديهم، والمُرتشين، وأهل النميمة، ومَن قاموا بالفتنة والسرقة والاحتيال والنصب على خلق الله، فهم سوف يدخلون النار وقد يستَقوا من شراب اهل النار ويتذوقوا من طعامهم، ويتلقّون بعضًا من عذابها، ولكن سوف يشملَهم عفوًا من الله ورحمًة منه، وشفاعة النبيّ الكريم عنده جَلّ وعلا، سوف تخرجهم منها، وينعمون بالنهاية في جنّات الله الواسعة.
شاهد أيضًا: العاب كمبيوتر خفيفة وممتعة 2024
ختامًا، شراب اهل النار يصعُب على البشر تحمّل قساوة مذاقه وروائحه الكريهة، فلا مجال لأن يكون هذا مصير البعض منّا، خاصًة وقد ترك لنا الله فرصًا عظيمة للرجوع إليه والتّوبة النّصوح، ولعل شهر رمضان الكريم هو أعظم الفُرص للنجاة من النار ودخول جناته من أوسع أبوابها، فليتّخذها الجميع طوق نجاه وعتق من العذاب المصيري بنار جهنم.